مع إضافة المزيد من العملات الرقمية وتحديداُ بيتكوين إلى احتياطياتها، تحتفل السلفادور بعيد الميلاد هذا العام بشجرة عيد ميلاد مميزة تحمل شعار البيتكوين، مما يعكس التزامها الراسخ بالعملة الرقمية الرائدة. في خطوة مفاجئة، أعلنت السلفادور في 19 ديسمبر 2024 عن شراء 11 عملة بيتكوين بقيمة تزيد عن مليون دولار، وذلك بعد فترة وجيزة من حصولها على قرض بقيمة 1.4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
يعكس هذا الإجراء استراتيجية السلفادور الجريئة في تبني البيتكوين، والتي واجهت انتقادات واسعة من المؤسسات المالية التقليدية والاقتصاديين الذين أبدوا مخاوف بشأن تقلبات قيمة البيتكوين وأثر ذلك على استقرار الاقتصاد الوطني. كانت السلفادور رائدة في تبني العملات الرقمية عندما اعتمدت البيتكوين كعملة قانونية بجانب الدولار الأميركي في سبتمبر 2021، وهو قرار أثار جدلاً واسعًا. ومع ذلك، يعكس هذا القرار تحولًا كبيرًا في سياسة السلفادور المالية، حيث أصبحت البيتكوين عنصرًا أساسيًا في اقتصادها. انتشرت استخدامات البيتكوين في الحياة اليومية في السلفادور، بدءًا من أجهزة الصراف الآلي الحكومية التي تدعم التعامل بالبيتكوين وصولًا إلى اعتمادها في العديد من الشركات المحلية.
واجه هذا النهج انتقادات واسعة، خاصة من المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي الذي وضع شروطًا صارمة على السياسات المالية للسلفادور. فرض صندوق النقد الدولي، في شروط القرض الأخير بقيمة 1.4 مليار دولار الموقّع في 18 ديسمبر 2024، قيودًا مشددة على استخدام العملات الرقمية في السلفادور. وتشمل هذه الشروط حظرًا على استخدام العملات المشفرة كوسيلة للدفع، وإلزام الشركات بقبول الدفع بالدولار الأميركي فقط، وعدم السماح بدفع الضرائب بالعملات الرقمية.
بالإضافة إلى ذلك، اشترط صندوق النقد الدولي على حكومة السلفادور وقف استخدام محفظة “تشيفو” الرقمية، وهي محفظة إلكترونية للعملات الأميركي أطلقتها الحكومة في عام 2021 لدعم تبني البيتكوين. كانت هذه المحفظة ركيزة أساسية في مبادرة السلفادور لدمج البيتكوين في اقتصادها، حيث سمحت للمواطنين والشركات باستخدام العملات الأميركي في التعاملات اليومية والوصول إلى الخدمات الحكومية.
هذا وتُفرض على القروض التي يقدمها صندوق النقد الدولي عادة شروط صارمة تؤثر بشكل مباشر على السياسات المالية والاقتصادية للدولة المقترضة. تهدف هذه الشروط إلى ضمان التزام الدولة بمعايير مالية سليمة وممارسات حوكمة مالية جيدة. قد تتضمن هذه الشروط قيودًا على السياسات المالية المستقلة، مثل تقييد استخدام العملات الرقمية أو إلغاء بعض المبادرات المالية غير التقليدية.
نظراً لسعي صندوق النقد الدولي إلى تعزيز الاستقرار المالي وتقليل المخاطر، فإنه غالباً ما يشجع الدول على تبني سياسات نقدية تقليدية تعتمد على البنوك المركزية والعملات الوطنية. قد يؤدي الالتزام بشروط قروض الصندوق إلى تقييد قدرة الدول على اتخاذ قرارات مالية مستقلة، مما قد يفسر على أنه فقدان للسيادة المالية.
على الرغم من الضغوط الدولية، يبدو أن السلفادور مصممة على مواصلة مسارها نحو تبني العملات الرقمية. فبالرغم من الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي، أكد مكتب البيتكوين الوطني التابع للحكومة على التزامها الراسخ بخطة تبني البيتكوين على المدى الطويل، مشدداً على عدم نيتها التخلي عن أي من احتياطياتها من البيتكوين.
إلى ذلك، أكدت السلفادور دعمها القوي لقطاع العملات الرقمية، مؤمنة بقدرتها على تعزيز الاستقلال المالي وتقليص الاعتماد على المؤسسات المالية التقليدية. وبالرغم من الضغوط الدولية، فإن السلفادور ثابتة على موقفها. إن شجرة عيد الميلاد المزينة بشعار البيتكوين لعام 2024 ترمز إلى إيمان البلاد الراسخ بمستقبل العملات المشفرة ودورها المحوري في تشكيل مستقبلها الاقتصادي.
