يقود مكتب عائلي مقره دبي، يُمثل الشيخ نايف بن عيد آل ثاني من قطر، مبادرة طموحة في مجال تقنية البلوكتشين والأصول الرقمية، وذلك من خلال استثمار ضخم بقيمة 8.8 مليار دولار أميركي في جزر المالديف، وهو رقم يفوق الناتج المحلي الإجمالي للدولة نفسها.
تُشرف على هذا المشروع شركة MBS Global Investments، وهي شركة متخصصة في إدارة الأصول لصالح الأفراد ذوي الثروات الكبيرة والمكاتب العائلية. ويمثل المشروع دفعة استراتيجية نحو تنويع اقتصاد جزر المالديف، الذي ظل يعتمد لعقود على السياحة وصيد الأسماك. تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الضغوط المالية على البلاد نتيجة الديون الخارجية، ووسط اهتمام متزايد من المستثمرين العالميين بتقنيات الاقتصاد الرقمي.
وبحسب بيانات البنك الدولي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لجزر المالديف في عام 2023 نحو 7 مليارات دولار أميركي. وتواجه البلاد تحديات كبيرة في ما يتعلق بخدمة الدين، إذ تُستحق ما بين 600 و700 مليون دولار خلال العام الجاري، إلى جانب مليار دولار إضافي بحلول عام 2026. ومن هنا، يُنظر إلى هذا المشروع كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى التخفيف من هذه الأعباء عبر فتح آفاق جديدة في مجالات التمويل الرقمي وتطوير البنية التحتية.
يرتكز المشروع على إنشاء مركز مالي دولي بمساحة تتجاوز 830 ألف متر مربع، تم تصميمه ليستوعب نحو 6,500 ساكن ويوفر ما يقارب 16,000 فرصة عمل. ومن المتوقع أن يساهم المركز في توظيف نحو 3% من سكان المالديف، مما يعزز مكانة البلاد كلاعب إقليمي بارز في قطاع التكنولوجيا المالية وتطبيقات البلوكتشين.
ورغم أن جزر المالديف لا تتمتع حالياً بحضور قوي في سوق العملات الرقمية، إلا أن هذا المشروع يشير بوضوح إلى رغبتها في اللحاق بركب الاقتصادات الرقمية الناشئة، خاصةً في ظل سعيها لتحقيق توازن دقيق في علاقاتها الاقتصادية بين الهند والصين.
وأفادت صحيفة فاينانشال تايمز أن شركة MBS Global Investments قد حصلت بالفعل على تعهدات تمويلية تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار، من خلال شبكة واسعة من المكاتب العائلية والمستثمرين من القطاع الخاص. وتتنوع محفظة الشركة بين قطاعات العقارات، التكنولوجيا المالية، البناء، والأسهم الخاصة. وقد تصدرت الشركة عناوين الأخبار في العام الماضي باستثمارها في شركة Varys Capital، المتخصصة في إدارة الأصول الرقمية، والتي تُركّز على مشاريع العملات الرقمية في مراحلها المبكرة.
وفي تصريح له، قال نديم حسين، الرئيس التنفيذي لشركة MBS: “لم تعد مكاتب العائلات مهمّشة في ما يتعلق بتقنية البلوكتشين”، مؤكداً على الجاذبية المتزايدة التي بات هذا القطاع يتمتع بها حتى بين المستثمرين المعروفين بتحفّظهم.
وبالإضافة إلى مشروع جزر المالديف، تستكشف الشركة فرص تعاون اقتصادي في جنوب شرق آسيا، من بينها محادثات جارية مع وزارة المالية والاقتصاد في بروناي. كما تُشارك MBS حالياً في تطوير منطقة اقتصادية خاصة قبالة سواحل جزيرة بورنيو الماليزية.
ومع تسارع اعتماد تقنية البلوكتشين في منطقة الخليج وجنوب آسيا، يُعد هذا الاستثمار خطوة فارقة تضع جزر المالديف على مفترق طرق بين الابتكار التكنولوجي والتأثير الجيوسياسي.
