يُرجَّح أن يقترب قطاع العملات المستقرة من نقطة تحول جذرية، مع تزايد التفاؤل بين رواد القطاع بأن تبنّي المطورين والمستهلكين لها على نطاق واسع بات وشيكًا.
في هذا السياق، قارن الرئيس التنفيذي لشركة سيركل المُصدِرة للعملات المستقرة، “جيريمي ألير”، المرحلة الحالية للعملات المستقرة ببدايات هاتف الآيفون، قبل أن يُحدث ثورة في طريقة بناء التطبيقات على الهواتف الذكية. وفي منشور له خلال عطلة نهاية الأسبوع، صرّح قائلًا: “لم نصل بعد إلى مرحلة الآيفون التي يتبنى فيها المطورون عالميًا الدولارات الرقمية القابلة للبرمجة، لكنها قادمة قريبًا”، مشددًا على أن العملات المستقرة تمثل “أعلى أشكال النقود فائدة على الإطلاق”.
جاءت هذه التصريحات ردًا على تعليق من سام برونر، الشريك في a16z Crypto، الذي سلّط الضوء على الإمكانات الهائلة للعملات المستقرة في مجال التكنولوجيا المالية. فقد جادل برونر بأن هذه العملات تُخفف من عوائق دخول المبتكرين، مما يُتيح لأي شخص بناء تطبيقات مالية بتكاليف منخفضة. وأشار إلى أن “المزيد من المنافسة يعني أسعارًا أفضل، وتجارب مستخدم محسّنة، ووصولًا أوسع”.
ولا يقتصر الزخم المتنامي للعملات المستقرة على مجتمع العملات الرقمية فقط، بل بدأ يمتد إلى كبرى شركات التجزئة العالمية. فقد أفادت تقارير بأن كلًا من وول مارت وأمازون تدرسان إمكانية إطلاق عملاتهما الرقمية المستقرة والمدعومة بالدولار الأمريكي. وفي السياق ذاته، أعلنت شركة شوبيفاي للتجارة الإلكترونية خططها لدمج عملة USDC المستقرة من سيركل ضمن نظام المدفوعات لديها بحلول نهاية العام المقبل.
تتزامن هذه التحركات مع قفزة ضخمة في استخدام العملات المستقرة عالميًا. وبحسب عالم البيانات “دارين ماتسوكا” من a16z Crypto، فقد بلغ حجم المعاملات التي تمّت عبر العملات المستقرة خلال الاثني عشر شهرًا الماضية نحو 33 تريليون دولار أميركي، أي ما يعادل قرابة 20 ضعف حجم معاملات باي بال، وثلاثة أضعاف حجم فيزا، وتقترب سريعًا من حجم شبكة المقاصة الآلية (ACH) في النظام المالي الأمريكي.
ويرى “ماتسوكا” أن هذا الزخم يجعل من العملات المستقرة البوابة المثالية لدمج مليار مستخدم جديد في عالم الأصول الرقمية. وقد كتب في منشور حديث: “تُمثل العملات المستقرة الآن أول فرصة حقيقية لجذب مليار شخص إلى عالم الأصول الرقمية”.
ويُعزز هذا التوجه ما شهدناه مؤخرًا من نضج متزايد في القطاع، تجلّى في الطرح العام الأولي لشركة سيركل في بورصة نيويورك. فقد ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 167% في أول يوم تداول، ما يعكس حماس المستثمرين للأصول الرقمية الخاضعة للتنظيم والمرتبطة بالعملات الورقية.
وفي المقابل، اتخذت شركة “تيذر”، المُصدِرة لعملة USDT، مسارًا مختلفًا؛ إذ لم تُبدِ أي اهتمام بالطرح العام. وصرّح باولو أردوينو، الرئيس التنفيذي للشركة، بأن تيثر تُفضل البقاء في السوق الخاصة، في إطار رؤية استراتيجية مغايرة لما تتبناه سيركل.
في المجمل، يبدو أن الاهتمام المتزايد من قِبل المطورين والشركات والمستثمرين يُمهّد الطريق لحقبة جديدة من العملات المستقرة. فقد تصبح الأموال القابلة للبرمجة قريبًا منتشرة مثل تطبيقات الهواتف المحمولة، ما يُعيد تشكيل مشهد التكنولوجيا المالية على مستوى العالم.
