استعادت عملة البيتكوين عافيتها متجاوزة حاجز الـ100,000 دولار أميركي، بعد أن تراجعت لفترة وجيزة دون هذا المستوى النفسي الرئيسي، وذلك لأول مرة منذ عدة أشهر. ويُعزى هذا التذبذب إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، التي دفعت الأسواق إلى حالة من عدم الاستقرار.
وجاء هذا الانتعاش في أعقاب موجة بيع حادة، أعقبت الغارات الجوية الأميركية على منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، والتي أثارت حالة من الذعر في الأسواق. وقد تسببت تلك الأحداث في موجة من عمليات التصفية، مما أدى إلى هبوط البيتكوين بنسبة تقارب 4%، ليصل إلى أدنى مستوياته في عدة أسابيع عند 98,615 دولارًا في 22 يونيو. تزامن ذلك مع تراجع ملحوظ في العملات الرقمية الأخرى، حيث خسرت إيثريوم نحو 10% وسولانا حوالي 5%.
وقد شكّلت الغارات الجوية، التي أكدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تصعيدًا كبيرًا في الصراع الإيراني-الإسرائيلي، خاصة مع إعلان إيران عن نيتها إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو 20% من شحنات النفط العالمية. هذا التصعيد أثار مخاوف من ارتفاع أسعار النفط إلى ما بين 120 و130 دولارًا للبرميل، ما قد يؤدي إلى عودة التضخم الأميركي إلى مستويات تقارب 5%.
في ضوء هذه التطورات، اتجه المستثمرون نحو أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والدولار الأميركي. وأدى ذلك إلى خسارة سوق العملات الرقمية نحو 40 مليار دولار، وتصفية قرابة مليار دولار من مراكز الشراء المفتوحة. ومع ذلك، بدأت بوادر استقرار تظهر تدريجيًا في السوق.
فقد ارتد البيتكوين بقوة، متجاوزًا من جديد مستوى 100,000 دولار، مدعومًا بزيادة ملحوظة في حجم التداول اليومي بنسبة 75.8% ليبلغ أكثر من 48.4 مليار دولار. وتشير بيانات منصة Coinglass إلى ارتفاع كبير في نشاط المشتقات أيضًا، حيث ارتفع حجم تداولها بنسبة 67% ليصل إلى 136 مليار دولار. ورغم انخفاض طفيف في عدد المراكز المفتوحة، فإن هذه البيانات تعكس أن بعض المستثمرين قللوا من تعرضهم مؤقتًا في ظل حالة عدم اليقين، لكن من المرجح أن يعودوا مجددًا للسوق.
من الناحية الفنية، لا يزال الاتجاه العام لبيتكوين يميل إلى الهبوط على المدى القريب. إذ يتم تداول السعر حاليًا دون متوسطيه المتحركين الأسيين لعشرة أيام وعشرين يومًا، وكلاهما في اتجاه نزولي. كما أن كسر السعر لخط الوسط في مؤشر بولينغر باند يُشير إلى ضعف الزخم الصعودي، واقترابه من النطاق السفلي عند مستوى دعم حاسم يقدر بـ98,000 دولار.
أما مؤشرات الزخم، فتُظهر إشارات متباينة. فمع وصول مؤشر القوة النسبية (RSI) إلى 39، يبدو أن السوق ضعيف لكنه لم يصل بعد إلى منطقة التشبّع البيعي. بينما تقع مؤشرات التذبذب العشوائي ومؤشر القوة النسبية العشوائي في منطقة الشراء، ما قد يدل على إمكانية حدوث انتعاش قصير الأجل. إلا أن زخم العشرة أيام وتباعد تقارب المتوسط المتحرك (MACD) لا يزالان في منحى هبوطي قوي.
وإذا ما هدأت التوترات الجيوسياسية، فقد يُعيد البيتكوين اختبار مستوى المقاومة في نطاق 105,000 إلى 106,000 دولار أميركي. في المقابل، يحذّر محللون على منصة X من احتمال هبوطه إلى 92,000 دولار أو أقل في حال تصاعد النزاع بشكل أكبر، خصوصًا مع تهديدات إيران المتكررة بالرد العسكري.
إلى ذلك،، من المرجح أن يتوقف أداء البيتكوين في المرحلة المقبلة على سرعة التوصل إلى حلول دبلوماسية، وعلى قدرة صناديق التداول الفورية على مواصلة امتصاص ضغوط البيع، تمامًا كما حدث في أزمات سابقة. فالمشهد لا يزال ضبابيًا، لكن التطورات القادمة ستُحدد الاتجاه الفعلي للسوق.
