أكدت هونغ كونغ دعمها للعملات المستقرة، في الوقت الذي تستعد فيه لتطبيق نظام تنظيمي جديد خاص بمُصدّري العملات المستقرة المدعومة بأصول ورقية في أغسطس المقبل. وتُعد هذه الخطوة بمثابة تحول استراتيجي قد يُعيق تطلعات بعض اللاعبين العالميين، ويُشكل تحديًا إضافيًا لهيمنة الدولار الأميركي في المنطقة.
وفي هذا السياق، ربط وزير المالية في هونغ كونغ، “بول تشان”، يوم السبت، بين تطوير العملات المستقرة وبين تزايد الإقبال في دول الجنوب العالمي وأجزاء من آسيا على تسوية المعاملات التجارية بالعملات المحلية، بدلاً من الاعتماد على الدولار الأميركي.
وأوضح “تشان”، في مدونته الرسمية عقب مشاركته في منتدى دافوس الصيفي الذي عُقد في تيانجين وبكين تحت رعاية المنتدى الاقتصادي العالمي، أن “العملات المستقرة تُوفّر بديلاً فعالًا من حيث التكلفة مقارنة بالنظام المالي التقليدي”.
وأضاف الوزير أن هذه العملات تمتلك أيضًا “إمكانية إحداث تغييرات جوهرية في أنشطة المدفوعات وأسواق رأس المال، وخصوصًا في مجال المدفوعات عبر الحدود”.
وتأتي هذه التصريحات في إطار الجهود الصينية الأوسع نطاقًا الرامية إلى إلغاء الاعتماد على الدولار، والمعروفة باسم “إزالة الدولرة”، وذلك بالتوازي مع مساعي الصين لتدويل عملتها المحلية، الرنمينبي.
وبما أن الصين تُعد أكبر دولة تجارية في العالم منذ عام 2017، فإن انتشارها التجاري العالمي أدى إلى تزايد الطلب على تسوية التعاملات بالرنمينبي. وتُعد هونغ كونغ في هذا السياق مركزًا رئيسيًا للتداول الخارجي للعملة الصينية، ما يعزز من مكانتها الإقليمية والدولية.
وفي سبيل دعم هذا التوجه، من المقرر أن تُطلق هونغ كونغ في الأول من أغسطس تشريعًا جديدًا يُنشئ نظامًا للترخيص يشمل مُصدري العملات المستقرة المدعومة بأصول ورقية، تحت إشراف هيئة النقد في هونغ كونغ.
وينص القانون على ضرورة التزام الكيانات المرخصة بجملة من المتطلبات الصارمة، من بينها إدارة دقيقة للأصول الاحتياطية، وضمان استرداد القيمة الاسمية، وفصل أموال العملاء، بالإضافة إلى الالتزام بقواعد مكافحة غسل الأموال.
وسيسمح فقط للجهات الحاصلة على الترخيص بإصدار أو تسويق العملات المستقرة للأفراد، ما يعزز الشفافية والثقة. ورغم أن النظام الجديد يفتح الباب أمام إصدار عملات متعددة، ويوفر إطار عمل أشمل من بعض الأنظمة القضائية الأخرى، إلا أن المحللين يرون أنه يضع معايير مرتفعة للغاية.
وفي هذا السياق، صرح شون لي، المؤسس المشارك لشركة IDA لتكنولوجيا الأصول الرقمية، وهي شركة تركز على تطوير بنية تحتية مُنظمة للعملات المستقرة – لموقع Decrypt قائلاً: “إن متطلبات رأس المال في هونغ كونغ تقارب ثلاثة أضعاف ما هو مطلوب في سنغافورة”.
ووصف لي النهج الجديد بأنه “تقدمي”، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أنه سيجذب على الأرجح لاعبين محليين أكثر من شركات عالمية كبرى مثل سيركل أو تيذر.
كما أوضح أن المتطلبات الخاصة بالاحتياطيات الإلزامية والوجود التشغيلي في هونغ كونغ تجعل من غير المُرجح أن تُقدم الشركات العالمية الكبرى على إصدار عملات مستقرة مباشرة. وبدلاً من ذلك، من المتوقع أن يستمر استخدام العملات المستقرة الخارجية في السياقات الاحترافية من خلال شركاء محليين في التوزيع.
وعلى الرغم من أن الإقبال من جانب المستهلكين الأفراد لا يزال محدودًا، نظرًا لنضوج أنظمة الدفع الرقمية المحلية، إلا أن استخدام العملات المستقرة في سياق الأعمال عبر الحدود يبدو واعدًا للغاية.
وفي هذا الصدد، قال لي، مشيرًا إلى الرنمينبي المُتداول خارج البر الرئيسي الصيني: “لا تستهينوا بأهمية اليوان الصيني المُتداول في الخارج. فهذا هو السبب الرئيسي وراء الدعم الكامل الذي يحظى به نظام هونغ كونغ من قبل بكين”.
ومع ذلك، تبقى هناك تحديات قائمة. فرغم الفوائد النظرية من حيث خفض التكاليف، إلا أن العملات المستقرة لم تُثبت بعد تفوقها على البدائل المتاحة حاليًا. فقد أشار لي إلى أن نقص السيولة في بعض العملات يُعيق الاستفادة الكاملة، وأضاف: “عند احتساب جميع التكاليف، قد لا تكون التكاليف الشاملة أقل مقارنة بالشركات الراسخة مثل وايز”.
