أقرّ مجلس النواب الأميركي، بفارق ضئيل، القرار رقم 580 بأغلبية 217 صوتًا مقابل 212، كاسرًا بذلك جمودًا إجرائيًا استمر طويلًا، وممهدًا الطريق للتصويت النهائي على ثلاثة تشريعات رئيسية متعلقة بالعملات االرقمية.
وقد جاء هذا الاختراق بعد أن تراجع ثمانية نواب جمهوريين محافظين، كانوا قد عارضوا القرار في البداية يوم الثلاثاء، عن موقفهم. وتمكّنت قيادة مجلس النواب من كسب دعمهم بعدما وافقت على إدراج قانون “مكافحة مراقبة العملات الرقمية للبنوك المركزية” ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA)، وهو مشروع قانون أساسي لا بد من إقراره، مما ضمن تقدمًا فعليًا في فرض القيود المقترحة على عملات البنوك المركزية الرقمية.
وفي هذا السياق، كتب النائب الجمهوري توم إيمر عن ولاية مينيسوتا على منصة X: “إنّ ربط قانوننا الحكومي لمكافحة مراقبة العملات الرقمية للبنوك المركزية بقانون تفويض الدفاع الوطني سيضمن عدم السماح للبيروقراطيين غير المنتخبين أبدًا بمقايضة الخصوصية المالية للأميركيين بأداة مراقبة شبيهة بتلك التي يستخدمها الحزب الشيوعي الصيني”.
ومع تمرير القرار، بات التصويت على قانون GENIUS، الذي يركّز على تنظيم العملات المستقرة، وقانون CLARITY، الذي يحدّد هيكل سوق الأصول الرقمية، وقانون مراقبة العملات الرقمية للبنوك المركزية، أمرًا وشيكًا. وقد أثارت هذه الخطوة ارتياحًا كبيرًا داخل أوساط قطاع العملات الرقمية، الذي لطالما دعا إلى أطر تنظيمية واضحة ومستقرة.
وفي هذا الإطار، صرّح ستيفن جولدفيدر، الرئيس التنفيذي لشركة Offchain Labs المطوّرة لـ Arbitrum، قائلًا: “كان غياب الوضوح التنظيمي أكبر عائق أمام دخول المؤسسات الكبرى”. وأضاف: “وجود إطار تشريعي واضح يُرسل إشارة مهمة للسوق بأنّ هذه التكنولوجيا باقية، وتستحق الحوكمة، وأنه يمكن للمؤسسات الانخراط ضمن منظومة موثوقة”.
اللافت أن نقطة التحول الرئيسية جاءت، بحسب ما ورد، بعد تدخل مباشر من الرئيس دونالد ترامب، الذي أعرب عن دعمه للاتفاق المعدّل خلال مكالمة هاتفية مع مشرّعين في مكتب رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، وفقًا لما نشره موقع بوليتيكو.
وبناءً عليه، أدرج زعيم الأغلبية في مجلس النواب، ستيف سكاليز (جمهوري عن ولاية لويزيانا)، على جدول أعماله ليوم الخميس مشاريع قوانين العملات الرقمية، مشيرًا إليها على أنها “تشريعات تُعتبر وفقًا للقاعدة”، ما يؤكد أن التصويت النهائي سيجري وفقًا للشروط الإجرائية الجديدة التي تم إقرارها.
ومن المتوقع أن يُصوّت مجلس النواب على قانون GENIUS يوم الخميس، ليصبح بذلك أول مشروع قانون شامل خاص بالعملات الرقمية قد يُوقّع رسميًا ليصبح قانونًا. أما التصويت على قانون CLARITY، فمن المرتقب أن يتم مطلع الأسبوع المقبل.
وفي سياق متصل، غرّد النائب آندي هاريس (جمهوري عن ولاية ماريلاند) يوم الأربعاء قائلًا: “هذا انتصار كبير للشعب الأميركي، إذ تُشكّل العملة الرقمية الخاضعة لسيطرة الحكومة تهديدًا مباشرًا للخصوصية المالية والحرية الاقتصادية”.
ورغم أن معظم الجمهوريين أبدوا تأييدهم للاتفاقية الجديدة، فقد بقيت بعض الأصوات المعارضة. فقد تحدّت النائبة مارجوري تايلور غرين (جمهورية عن ولاية جورجيا) الضغوط من داخل حزبها، وأصرّت على موقفها الرافض، وكتبت على منصة X: “لن أصوّت لنظام ‘علامة الوحش’. أنا سعيدة وراضية تمامًا برفضي التام”.
وكان مجلس النواب قد رفض القاعدة الإجرائية في البداية يوم الثلاثاء بأغلبية 196 صوتًا مقابل 223، مع انسحاب 12 نائبًا جمهوريًا، عبّروا عن قلقهم من غموض قانون GENIUS فيما يخص العملات الرقمية للبنوك المركزية. وردًا على ذلك، استدعى ترامب المعارضين إلى البيت الأبيض، حيث يُقال إنه نجح في إقناعهم بتغيير مواقفهم.
وقد اتّسمت جلسات مجلس النواب يوم الأربعاء بالتوتر الشديد. فبعد تصويت أوليّ بنتيجة 215 مقابل 211، توقّف الزخم فجأة عندما انسحب نفس النواب الجمهوريين الذين كانوا قد غيّروا أصواتهم مؤقتًا وغادروا القاعة. هذا الانسحاب أدّى إلى مفاوضات مطوّلة بين قادة الحزب، أسفرت في نهاية المطاف عن إقرار التصويت النهائي.
